الحياة بعد استئصال المرارة: كيف يتأقلم جسمك؟ وهل يتغيّر الهضم؟
لكن ماذا يحدث عندما تُستأصل المرارة؟
هل يتوقّف الجسم عن هضم الدهون؟
وهل هناك تغيّرات في الوزن أو الهضم أو الصحة العامة؟
في هذا المقال، سنشرح كيف يتعامل الجسم بعد إزالة المرارة، وما الذي يجب الانتباه له في التغذية ونمط الحياة.
ماذا يحدث للجسم بعد استئصال المرارة؟
المرارة هي عضو صغير يشبه شكل الكمثرى، يقع أسفل الكبد مباشرة، وتتمثّل وظيفتها الأساسية في تخزين العصارة الصفراوية التي يفرزها الكبد، ثم إطلاقها إلى الأمعاء الدقيقة أثناء تناول الطعام، وخاصة الأطعمة الغنية بالدهون. عند استئصال المرارة، يتوقّف هذا التخزين، لكن الكبد لا يتوقّف عن إنتاج العصارة الصفراوية.
ما يتغيّر هو طريقة تدفّق هذه العصارة: فبدلًا من أن تُخزّن وتُفرز عند الحاجة، تبدأ بالتدفّق بشكلٍ مستمر من الكبد إلى الأمعاء الدقيقة، حتى في حال عدم وجود طعام في الجهاز الهضمي.
💡 هذا التغيير قد يؤدي إلى بعض التأقلمات في الهضم، خاصة خلال الأشهر الأولى بعد العملية، لكنه لا يمنع الجسم من أداء وظائفه بشكل طبيعي، بشرط اتباع بعض الإرشادات الغذائية البسيطة.
كيف يتغيّر الهضم بعد استئصال المرارة؟
بعد إزالة المرارة، يواصل الكبد إفراز العصارة الصفراوية دون انقطاع، مما يؤدي إلى تدفّق دائم نحو الأمعاء الدقيقة بدلاً من الإفراز المنظّم عند الحاجة. هذا التدفّق المستمر قد يؤثر على عملية هضم الدهون، خصوصًا في الحالات التالية:
🟩 1. تناول وجبة دسمة دفعة واحدة: عند تناول كمية كبيرة من الدهون في وجبة واحدة، قد لا تكون كمية العصارة المتوفّرة في الأمعاء كافية لتفكيكها دفعة واحدة، مما يؤدي إلى عسر هضم، غازات، أو حتى إسهال دهني.
🟩 2. صعوبة امتصاص بعض الفيتامينات: العصارة الصفراوية ضرورية لامتصاص الفيتامينات التي تذوب في الدهون (مثل A و D و E و K)، لذا بعض الأشخاص قد يواجهون نقصًا طفيفًا في هذه العناصر، خصوصًا إذا استمرت مشاكل الهضم لفترة طويلة.
🟩 3. الإسهال أو تغيّرات في حركة الأمعاء: نتيجة التدفّق الصفراوي غير المنتظم، قد يعاني البعض من إسهال خفيف أو شعور بعدم انتظام الهضم، خصوصًا في الأسابيع الأولى بعد العملية.
في معظم الحالات، يتأقلم الجهاز الهضمي خلال 3–6 أشهر، وتعود الأمور إلى طبيعتها، بشرط تعديل النظام الغذائي بما يتناسب مع الوضع الجديد.
💡 في معظم الحالات، يتأقلم الجهاز الهضمي خلال 3–6 أشهر، وتعود الأمور إلى طبيعتها، بشرط تعديل النظام الغذائي بما يتناسب مع الوضع الجديد.
هل يمكن للجسم التكيّف كليًا بعد إزالة المرارة؟
نعم، في معظم الحالات، يتمكّن الجسم من التكيّف بشكلٍ كامل بعد استئصال المرارة خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر. خلال هذه المرحلة، يُعيد الكبد والأمعاء تنظيم آلية الهضم تدريجيًا، ويتعلّم الجسم كيفية التعامل مع تدفّق العصارة الصفراوية المستمر دون أن يتسبب ذلك في خلل كبير.
ما الذي يساعد على هذا التكيّف؟
اتباع نمط غذائي متوازن: بتقسيم الوجبات، وتخفيف الدهون الثقيلة.
🟩 الاستماع للجسم: الانتباه لأي طعام يسبّب انزعاج وتجنّبه مؤقتًا.
🟩 تناول الألياف تدريجيًا: لدعم حركة الأمعاء ومنع الاضطرابات الهضمية.
ومع مرور الوقت، يتعوّد الجهاز الهضمي على الوضع الجديد، وتعود القدرة على هضم الدهون بشكل فعّال، وإن كانت الاستجابة أقل سرعة مقارنة بمن لديهم مرارة. وفي الواقع، يعيش الكثير من الأشخاص حياة طبيعية تمامًا بعد العملية، دون أعراض تُذكر، بل ويتمتعون بصحة هضمية جيدة بشرط الالتزام بالعادات الغذائية السليمة.
هل يمكن للجسم التكيّف كليًا بعد إزالة المرارة؟
النجاح في التأقلم بعد إزالة المرارة لا يتوقّف فقط على الجسم، بل يعتمد بشكل كبير على اختياراتك الغذائية، خصوصًا في الأشهر الأولى. اتباع نظام غذائي متوازن يساعد على تخفيف الأعراض وتحسين عملية الهضم بشكل أسرع.
إليك أبرز النصائح التي ينصح بها الأطباء وخبراء التغذية:
🟩 1. تناول وجبات صغيرة ومتكررة: بدلًا من 2–3 وجبات كبيرة، يُفضل تناول 4–5 وجبات خفيفة خلال اليوم، مما يُقلل من الضغط على الجهاز الهضمي.
🟩 2. التقليل من الدهون الثقيلة: تجنّب المقالي، الزبدة، الأجبان الدسمة، واللحوم الغنية بالدهون. واختر مصادر دهون صحية مثل:
زيت الزيتون
الأفوكادو
المكسرات (بكميات معتدلة)
🟩 3. زيادة الألياف تدريجيًا: الألياف تساهم في تحسين حركة الأمعاء، لكن من الأفضل إضافتها بشكل تدريجي لتجنّب الانتفاخ.
مصادر جيدة: الشوفان، الخضار المطهية، التفاح، العدس.
🟩 4. شرب كمية كافية من الماء: يساعد الماء على دعم الهضم وتجنّب الإسهال أو الإمساك.
🟩
5. مراقبة امتصاص الفيتامينات: إذا ظهرت أعراض نقص (مثل تعب غير مبرر، جفاف الجلد، ضعف النظر الليلي...)، يُنصح بإجراء تحليل دم ومراجعة الطبيب بشأن مكملات الفيتامينات الذائبة في الدهون (A، D، E، K).
خاتمة
استئصال المرارة قد يبدو في البداية تجربة مقلقة، خصوصًا مع التغييرات الهضمية التي قد تطرأ، لكن الحقيقة أن الجسم يمتلك قدرة مذهلة على التكيّف والتوازن. الكبد يواصل أداءه، والجهاز الهضمي يُعيد تنظيم نفسه، وكل ما يحتاجه الأمر هو قليل من الصبر، وتعديلات بسيطة في النظام الغذائي.
الكثير من الأشخاص يعيشون حياة صحية ونشيطة بعد العملية دون مشاكل تُذكر، بل ويستعيدون نشاطهم المعتاد تدريجيًا، وربما بشكل أفضل من السابق.
تذكّر دائمًا:
الصحة لا تعني الكمال، بل حسن التعامل مع التغيّرات. وكل خطوة واعية تأخذها بعد العملية، تقرّبك من حياة أكثر راحة وطمأنينة.
ليست هناك تعليقات