لماذا يبدو شكلنا أسوأ أثناء التنشيف؟
لكن فجأة، تصطدم بالواقع: شكلك يبدو أسوأ، عضلاتك مسطّحة، بشرتك مرتخية، وحجمك أصغر. تبدأ تتساءل: هل أفعل شيئًا خاطئًا؟ هل هذا هو الثمن الحقيقي للتنشيف؟ وهل يستحق الأمر كل هذا العناء؟
الكثيرون، وأنا واحد منهم، مرّوا بهذه المرحلة. بل إن البعض يعود لرفع السعرات فقط ليستعيد شكل عضلاته أو يتخلّص من الإحساس بالوهن والتعب. في هذا المقال، سنستعرض الأسباب الحقيقية وراء هذا الشعور، ونضع بين يديك حلولًا عملية لتجاوز هذه المرحلة الذهنية والجسدية.
محتوى المقال
كثيرون قالوا لي: "ربما ليس لديك كتلة عضلية كافية، ولهذا يبدو جسمك أسوأ أثناء التنشيف." لكنني لم أقتنع، فقد كان شكلي أثناء التضخيم أفضل وأضخم، وعضلاتي أكثر وضوحًا وقوة، ولم أكن قد فقدت دهونًا تُذكر بعد، فكيف يمكن لهذا التغيّر أن يكون سببه قلة الكتلة أو خسارة الدهون؟
ظللت أبحث حتى صادفت مقالًا بعنوان: لماذا يبدو مظهرنا أسوأ قبل أن يتحسن خلال التنشيف؟ حينها شعرت براحة حقيقية، إذ فهمت أن ما أمرّ به ليس خللًا، بل مرحلة طبيعية يمرّ بها معظم من يخوضون رحلة التنشيف، وأن الشعور بالمظهر السيئ مؤقت، وله تفسير علمي ومنطقي.
قبل أن يتحسّن شكلك… لماذا يبدو أسوأ خلال التنشيف؟
🟩 انخفاض نسبة الجلايكوجين في العضلات: يُعد انخفاض الجلايكوجين في العضلات من أبرز الأسباب التي تجعل شكل الجسم يبدو أسوأ في بداية التنشيف. ففي المراحل الأولى من تقليل السعرات، لا يتجه الجسم مباشرةً لحرق الدهون، بل يبدأ أولًا بتفريغ مخازن الجلايكوجين الموجودة في العضلات والكبد.الجلايكوجين هو الشكل المُخزَّن للكربوهيدرات، ويُعد المصدر الأساسي للطاقة خلال التمارين، كما يمنح العضلات مظهرها الممتلئ والمشدود. وعند انخفاضه، تفقد العضلات هذا الامتلاء، ويبدأ شكل الجسم بالانكماش، حتى وإن لم تُفقد دهون فعلية بعد.
🟩 فقدان الامتلاء يخلق فراغًا تحت الجلد: عند البدء بعجز في السعرات الحرارية، تبدأ العضلات بخسارة جزء من حجمها وامتلائها، بسبب انخفاض الجلايكوجين والماء المرتبط به. هذا الامتلاء كان يملأ المساحة بين الجلد والأنسجة العميقة، وعند زواله، يتكوّن نوع من الفراغ تحت الجلد، مما يجعل بعض المناطق كالفخذين أو الذراعين تبدو مترهلة أو أقل تماسُكًا.
وهذا لا يعني فقدانًا فعليًا في الكتلة العضلية أو تراجعًا دائمًا، بل هو تغيّر مؤقت ناتج عن انخفاض التروية والضغط داخل العضلة.
🟩 احتباس الماء في الخلايا الدهنية خلال العجز الحراري: عند خلق عجز في السعرات وبدء الجسم باستخدام مخزونه من الطاقة، تحدث تغيّرات فسيولوجية مفاجئة، من بينها احتباس الماء داخل الخلايا الدهنية. بدلًا من أن تنكمش الخلايا تدريجيًا مع فقدان الدهون، يقوم الجسم كردّة فعل على انخفاض السعرات بتعويض الفراغ الناتج داخل الخلايا بتخزين مؤقت للماء.
هذا الاحتباس يجعل الجسم يبدو "مترهلًا" أو "منتفخًا" في بعض المناطق، ويشوّش على الشكل الحقيقي للتقدّم. ومع استمرار التنشيف وثبات النظام الغذائي، يزول هذا الماء تدريجيًا، وتبدأ النتائج الحقيقية بالظهور.
🟩 العامل النفسي وتأثيره على نظرتنا لأجسامنا: رغم أن الأسباب الفسيولوجية التي ذكرناها حقيقية وموثّقة، إلا أن الجانب النفسي يلعب دورًا لا يقلّ أهمية. خلال مرحلة التنشيف، ومع انخفاض الطاقة وقلّة الكربوهيدرات، يبدأ العقل في تضخيم العيوب والتركيز على السلبيات. نبدأ في النظر إلى أجسامنا بنظرة أكثر قسوة، ونشعر وكأننا فقدنا التقدّم الذي حققناه، حتى وإن لم يكن ذلك دقيقًا.
هذا الشعور ليس غريبًا، بل هو جزء طبيعي من رحلة التنشيف. فالعجز في السعرات يؤثر على المزاج، وقد يؤدي إلى ميل نحو القلق أو حتى مشاعر اكتئابية خفيفة، مما ينعكس على صورتنا الذاتية. من هنا تأتي أهمية الوعي النفسي، ومراقبة الذات دون جلد أو تهويل، لأن معظم هذه الأحاسيس مؤقتة وتزول مع الوقت والنتائج.
💡 ذات صلة: الرياضة والصحة النفسية: كيف تؤثر التمارين على المزاج والعقل؟
ماذا تفعل إذا بدا شكلك أسوأ؟
علينا أن نتفق أولًا أن هناك أمورًا لا مفر منها خلال فترة التنشيف. من الطبيعي أن يتغيّر الشكل، أن تفقد العضلات بعض امتلائها، أو أن تشعر بانخفاض في الطاقة. الحل لا يكون في مقاومة هذه التغيّرات، بل في الصبر عليها، والتركيز على ما هو أهم: أداؤك في التمرين، وصحتك النفسية.لكن رغم ذلك، هناك بعض الخطوات التي يمكن أن تُخفّف من حدة هذه الآثار:
🟩 لا تعتمد عجزًا حراريًا كبيرًا: من الأفضل أن يكون العجز بين 300 إلى 500 سعرة فقط تحت سعرات الصيانة، حتى تحافظ على طاقتك في التمرين ويكون النزول بطيئًا وصحيًا دون تأثير سلبي على الكتلة العضلية.
🟩 قم بيوم إعادة تغذية (Refeed Day) كل أسبوعين: ارفع فيه السعرات مؤقتًا إلى مستوى الصيانة، خاصة من الكربوهيدرات، لإعادة ملء مخازن الجلايكوجين وتحسين الأداء والشكل مؤقتًا.
🟩 توقّف عن النظر في المرآة يوميًا: راقب تقدّمك من خلال أدائك في التمرين، وليس من خلال انعكاس يومي متقلّب في المرآة. دع الأيام تمضي، وستبدأ النتائج بالظهور عندما يحين وقتها.
💡 ذات صلة: ما هو يوم إعادة التغذية Refeed Day؟ وهل يساعدك فعلاً على حرق الدهون وتحسين نتائج الدايت؟
خاتمة
أصعب مرحلة في رحلة التنشيف هي البداية. تلك اللحظة التي يبدو فيها جسمك وكأنه فقد شكله فجأة، خاصة بسبب انخفاض مخازن الجلايكوجين، بينما لم تخسر بعد كمية ملحوظة من الدهون. تشعر بالضياع، ويبدأ الشك يتسلّل: "هل هذا هو الطريق الصحيح؟"لكن ما إن تستمر، وتصبر على هذه المرحلة، حتى تبدأ التغييرات الحقيقية بالظهور. ترى الدهون تتراجع تدريجيًا، ويبدأ شكل جسمك بالتحسّن يومًا بعد يوم.
وحين تنتهي من مرحلة التنشيف وتبدأ برفع الكربوهيدرات والسعرات تدريجيًا، ستلاحظ كيف أن عضلاتك تستعيد امتلاءها، ويظهر الفرق الحقيقي: جسم مشدود، خالٍ من الدهون الزائدة، وعضلات أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. وقتها فقط ستدرك أن كل التعب والصبر كان يستحق.
🔍 مقالات قد تهمك:
أسئلة شائعة
📚 المصادر
- NIH: Muscle glycogen and body composition changes during caloric restriction
- PubMed: Psychological effects of calorie restriction
- NIH: Refeed days and their impact on metabolism
- من تجربتي الشخصية كمتدرّب ومدرب، كانت هذه المرحلة الأصعب في كل دورة تنشيف، لكنها كانت أيضًا الأكثر مكافأة عند الالتزام.
ليست هناك تعليقات